الأحد، 26 أغسطس 2012



السّلآآم عليكم ورحمة الله وبركــآته

***
ان الله سبحـانه بحكمته وعدله يظهر للناس أعمالهم في قوالب وصور تناسبها


{ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس‏}
قال الإمام ابن قيّم الجوزيّة ~ رحمه الله ~ في :
زاد المعاد ( 4 / 362 ـ 364 ) :
ومن...
له معرفة بأحـوال العـالم ومبدئه يعرف أن جميع الفسـاد في جوه ونبـاته وحيوانه، وأحـوال
أهله حادث بعد خلقه بأسباب اقتضت حدوثه، ولم تزل أعمـال بني آدم ومخالفتهم للرسل تحدث
لهم من الفساد العام والخاص ما يجلب عليهم من الآلام، والأمراض، والأسقام، والطواعين والقحوط،
والجدوب، وسلب بركات الأرض، وثمارها، ونباتها، وسلب منافعها، أو نقصانها أمورًا متتابعة يتلو
بعضها بعضًا، فإن لم يتسع علمك لهذا فاكتف بقوله تعالى‏:‏

‏{ ‏ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس‏ }‏
‏‏الروم‏:‏ 41‏‏،

ونزّل...
هذه الآية على أحوال العالم، وطابق بين الواقع وبينها، وأنت ترى كيف تحدث الآفات والعلل
كل وقت في الثمار والزرع والحيوان، وكيف يحدث من تلك الآفات آفات أخر متلازمة، بعضها
آخذ برقاب بعض، وكلما أحدث الناس ظلمًا وفجورًا، أحدث لهم ربهم تبارك وتعالى من الآفات
والعلل في أغذيتهم وفواكههم، وأهويتهم وميـاههم، وأبدانهم وخلقهم، وصورهم وأشكـالهم
وأخلاقهم من النقص والآفات، ما هو موجب أعمالهم وظلمهم وفجورهم‏.

لقد...
كانت الحبوب من الحنطة وغيرها أكثر مما هي اليوم، كما كانت البركة فيها أعظم‏.‏ وقد روى
الإمام أحمد بإسناده أنه وجد في خزائن بعض بني أمية صرة فيها حنطة أمثال نوى التمر مكتوب
عليها هذا كان ينبت أيام العدل‏.‏ وهذه القصة، ذكرها في مسنده ، على أثر حديث رواه‏.‏ وأكثر
هذه الأمراض والآفات العامة بقية عذاب عذبت به الأمم السالفة، ثم بقيت منها بقية مرصدة لمن
بقيت عليه بقية من أعمالهم، حكمًا قسطًا، وقضاء عدلًا، وقد أشار النبي ~ ~ إلى هذا
بقوله في الطاعون
‏(‏إنه بقية رجز أو عذاب أرسل على بني إسرائيل‏)‏‏.‏
كذلك ...
سلط الله سبحانه وتعالى الريح على قوم سبع ليال وثمانية أيام، ثم أبقى في العـالم منها بقية في
تلك الأيام، وفي نظيرهـا عظة وعبرة‏.‏ وقد جعل الله سبحـانه أعمال البر والفاجر مقتضيات
لآثارها في هذا العالم اقتضاء لا بد منه، فجعل منع الإحسان والزكاة والصدقة سببًا لمنع الغيث
من السماء، والقحط والجدب، ..وجعل ظلم المساكين، والبخس في المكاييل والموازين، وتعدي
القوي على الضعيف سببًا لجور الملوك والولاة الذين لا يرحمون إن استرحمـوا، ولا يعطفون إن
استعطفوا، وهم في الحقيقة أعمال الرعايا ظهرت في صور ولاتهم،.

فإن ...
الله سبحـانه بحكمته وعدله يظهر للناس أعمالهم في قوالب وصور تناسبها، فتارة بقحط وجدب،
وتارة بعدو، وتارة بولاة جائرين، وتارة بأمراض عامة، وتارة بهموم وآلام وغموم تحضرها نفوسهم
لا ينفكون عنها، وتارة بمنع بركات السماء والأرض عنهم، وتارة بتسليط الشياطين عليهم تؤزهم
إلى أسباب العذاب أزًا، لتحق عليهم الكلمة، وليصير كل منهم إلى ما خلق له، والعاقل يسيّر بصيرته
بين أقطار العـالم، فيشاهده، وينظر مواقع عدل الله وحكمته، وحينئذ يتبين له أن الرسل وأتباعهم
خاصة على سبيل النجاة، وسائر الخلق على سبيل الهلاك سائرون، وإلى دار البوار صائرون، والله
بالغ أمره، لا معقب لحكمه، ولا راد لأمره، وبالله التوفيق ‏) .

اللّهمّ ...

اهدنا إلى طريقٍ مستقيم..

اللّهمّ...
أصلح لنا شأننا كلّه ولاتكلنا إلى أنفسنا طرفة عين..

اللّهمّ...
أصلح ولاة أمورنا..واهدهم سبيل الرّشاد..
وارزقهم البِطانة الصّالحة الّتي تُرشدهم إلى كلّ خير وصلاح...

اللّهمّ ...
أحقن دماء المسلمين..واحفظ ممتلكاتهم من الدّمار..وردّ كيد الكائدين..
وأَرِحْ عيونًا سهرت في سبيل إرساء الخير والإستقرار والفلاح والطّمأنينة في نفوس المضطهدين...
وصلّى اللّه وسلّم على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه غلى يوم الدذين ..

والحمدلله ربّ العالمين...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق