بسم الله الرحمن
الرحيم
إن الإسلام هو دين
الله الحق الذي بعث به الله جميع الأنبياء والمرسلين ، ديناً واحداً لهداية البشرية
مدى الزمن كله . وبعث الله الرسول الخاتم محمداً صلى الله عليه وسلم مصدّقاً
للرسالات قبله ومهيمناً عليها ، وأنزل عليه الكتاب قرآناً عربيّاً جامعاً لكل ما
جاءت به الرسل ، وهادياً للبشرية إلى يوم القيامة .
إنّ الإسلام المفصّل
بالكتاب والسنة نهج متكامل متناسق مترابط ، ونور ممتد مع الدهر ، وصراط مستقيم ،
يفصِّل التكاليف الربانيّة التي وضعها الله عهداً وميثاقاً في عنق كل مسلم ، على
الإنسان الفرد ، وعلى الأمّة كلها ، وعلى كل مستوى من مستوياتها . وجاء هذا كله على
صورة معجزة لا يستطيع أحد من الإنس والجن أن يأتي بمثله ولو اجتمعوا له ، إنه كتاب
الله القرآن العظيم : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ
وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ
بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) [ الإسراء
:88] وهذا إعجاز ممتد مع الدهر كله . ومن آيات هذا الإعجاز في كتاب الله أنه
يهـدي للتي هي أقوم ، ويحمل البُشْرى للمؤمنين الصادقين الذي يعملون الصالحات
: ( إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ
أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ
لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ) [ الإسراء :9] وهذا الإعجاز في كتاب الله
والبيان الذي يهدي للتي هي أقوم يبرز جليّاً في تكامله وترابطه وتناسقه ، ولا يرضى
الله سبحانه وتعالى من عباده أن يأخذوا ببعضه ويتركوا بعضه ، ولا أن يخلطوه مع غيره
مما سبق وأنزله الله على رسله السابقين ، فهو جامع بإعجازه ذلك كله : ( ... أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ
فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا
اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) [ البقرة :85] نعم ! هذا الخطاب
في هذه الآية الكريمة كان موجهاً إلى بني إسرائيل ولكنه خطاب ممتد في حكمه مع الزمن
كله ، ومع ما أنزل الله على رسله ، وما أنزله على رسوله النبيّ الخاتم مصدّقاً لما
قبله ومهيمناً عليه . ففضائل الإسلام في الرسالة الخاتمة بخاصة متماسكة كلها يشدّ
بعضُها بعضاً ، ويبقى أثرها ممتدّاً في حياة الإنسان بهذا التماسك والترابط ، ويبرز
بذلك هديه لما هو أقوم ، ولما يحمل للمؤمنين الذين يعملون الصالحات من بشائر ،
صراطاً مستقيماً ونهجاً موصولاً .
ويعرض هذا الدين في كتاب الله وسنة نبيه
صلى الله عليه وسلم آيات بيّنات وأحاديث شريفة تبرز عظمة الأيام العشر من ذي الحجة
، لتذكّر كلها بامتداد العمل الصالح وتجديده ، والتوبة وتجديدها ، والذكر والدعاء !
ولقد عظمت منزلة الأيام العشر من ذي الحجة عند الله ، حتى أقسم بها في كتابه الكريم
. ( وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ . وَالشَّفْعِ
وَالْوَتْرِ . وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ . هَلْ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ
) [ الفجر :1ـ5] والليالي العشر مرتبطة ممتدة مع الفجر ومع الليل إذا يسر
، وكأنه امتداد مع الدهر كله ابتداءً من الفجر وامتداداً مع الليل الذي يسري في هذا
الدهر كله .
إن الله سبحانه وتعالى ، حين يبيّن لنا أهميـة هذه الأيام العشر
وعظيم فضلها ، لا يريد من عباده أن يذكروه ويسبحوه في هذه الأيام العشر ، حتى إذا
انتهت نسوا ذلك بعدها كما كانوا قد نسوه قبلها . فالله سبحانه وتعالى يريد أن تظل
العبادة والذكر في حيـاة الإنسان كلها حسب ما يفصّله في الكتاب والسنة ، ممتدة مع
العمر كله : فشهر رمضان له فضله ، والصلاة المفروضة لها فضلها ، إلا أن الأيام
العشر من ذي الحجة جمعت ذلك كله فضلاً من الله سبحانه وتعالى ! لقد جمعت هذه الأيام
العشر شعائر العبادة وأنواع البر ، جمعت الصلاة والصيام والحج والصدقـات والذكر
والتكبير والتهليل والتلبية . إنها كلها تمتد في حياة المسلم ، وتجتمع في هذه
الأيام العشر ، لتجعل لها فضلها المتميز عند الله ، ولتمتدَّ إلى ما بعد الحج ، نهج
حياة ممتدّاً ، ينشر الخير في حياة البشرية ، وينشر الصلاح والفضائل والعمل الصالح
، والذكر كله .
إنه نهج حياة أمة مسلمة ، يريدها الله أن تحمل هذا الخير كله
للبشرية على هدْيٍ من هذا الدين العظيم ، الذي يظل يذكّر الإنسان بالتكاليف
والشرائع ، ويقرع القلوب طوال العام بالذكر والصلاة والصيام ، من فرائض ونوافل ،
ثمَّ يأتي شهر رمضان المبارك ، ثم تأتي الأيام العشر لتجمع ذلك كله مع شعائر الحج ،
نهج حياة للإنسان والبشريّة تحمله الأمة المسلمة لتبني للبشرية حياة صالحة ما
استمسكت بهذا الدين العظيم .
وإذا كان " الذكر " مطلوباً في الأيام كلها ،
فتأتي أيام العشر من ذي الحجة لتؤكِّد أهمية ذكر الله : (
لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ
مَعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا
مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ) [ الحج :228] فذكر الله في
حياة المؤمن ماض قبل الحج وبعده ، ولكن الثواب عليه في عشر ذي الحجة أعظم ، لتؤكد
هذه الأيام المباركة أهمية الذكر وعظيم ثوابه .
وفيها يوم عرفة ، يوم الحج
الأكبر ، حيث يَجتمع حجاج الأمة المسلمة من مشارق الأرض ومغاربها في صعيد واحد ،
ليتذكَّر المسلم أن من أهم قضايا هذا الدين هو هذه الأمة المسلمة الواحدة التي لا
يقوم عزّها وقوّتها إلا بهذا التلاحم أمة واحدة كالجسد الواحد ترتبط برابطة أخوة
الإيمـان ، وتتبرّأ من العصبيات الجاهلية . وتظل شعائر الحج كلها تؤكد على هذا
التلاحم بين المسلمين ليكونوا أمة واحدة ، وصفّاً واحداً كالبنيان المرصوص
.
وما أحوج المسلمين اليوم إلى أن يتذكروا هذا الأمر وأنهم أمة واحدة بدلاً
من أن يكونوا ممزّقين حدوداً وأقطاراً ، ومصالح وأهواء ، وقوانين بعيدة عن شرع الله
تزيدهم فرقةً وتمزّقاً .
إن كل يوم من أيام عشر ذي الحجة لتذكِّر المسلم
بأُمته الواحدة التي هي حاجة أساسية للبشرية كلها : (
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ
الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ
الْفَاسِقُونَ ) [ آل عمران :110] نعم ! خير أمة أخرجـت للناس ،
للناس كافّة ، للبشرية تحمل الهدي والنور ، وكل شعيرة من شعائر الحج ، وكذلك كل
شعيرة من شعائر الإسلام لتؤكد خطورة هذه القضية ، قضية الأمة المسلمة الواحدة في
أرضها وشرعها ودينها وكل أمورها . ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ
اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ
إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا
ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ .
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
. وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا
جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [ آل
عمران : 103ـ105]
إن أيام الحج أيام عشر ذي الحجة ، هي أيام تذكير وتوعية ،
فليقف المسلم فيها مع نفسه ، ولتقف جموع الحج كذلك مع نفسِها لتتساءل : أين
خالَفَتْ شرع الله ولماذا نزل عليها الهوان والذلة في هذه المرحلة من حياتها
؟! وإن أعظم ما توحي به شعائر الحج كلها ، ويوم الحج الأكبر ، يوم عرفة ، أن
واجب المسلمين في شرع الله أن يكونوا أمة واحدة وصفّاً واحداً ، تحمل رسالة الله
إلى الناس كافة : " وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ ويؤمنون بالله .." إنه أمر الله لعباده المؤمنين أن
يبلّغوا رسالة الله إلى الناس كافّة كما أُنْزِلتْ على محمد صلى الله عليه وسلم
ويتعهَّدوهم عليها ، تبليغاً وتعهّداً منهجيين حتى يُُحقّقَ التبليغ والتعهد الهدف
الأسمى بأن تكون كلمةُ الله هي العليا .
إن يوم الحج الأكبر ، يوم عرفة ،
يوم جليل عظيم في تاريخ الإسلام والمسلمين ، يوم تبرز فيه الأمة المسلمة الواحدة
صفّاً واحداً تعبد ربّاً واحداً ، يلبُّون جميعهم تلبية واحدة : لبيكَ اللهم لبّيك
، لبّيك لا شريك لك لبّيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ! صوت واحد
ودعاء واحد ، تدوّي به آفاق الدنيا ، إلا الذين سُدّت آذانهم بالضلالة والفتنة
والكفر ، فأصمهم الله وأعمى أبصارهم .
وتمضي جميـع جموع الحجيج مع كل شعائر
الحج أمة واحدة وصفّاً واحداً ، دعاءً واحداً وذكراً لله واحداً ، لا إله إلا الله
وحده لا شريك له له الملك وله الحمد ! حتى إذا انتهت شعائر الحج وأخذ حجاج بيت
الله يغادرون إلى أقطارهم الممزّقة المتناثرة ، فهل تبقى صورة الموقف في عرفة وفي
سائر شعائر الحج ، صورة الأمة المسلمة الواحدة راسخة في القلوب ، أم تأخذ هذه
الصورة تغيب ، وتعود إلى القلوب جميع أنواع العصبيات الجاهلية ، فتتقطّع روابط
أُخوة الإيمان التي أمر الله بها ، وتعود الحياة إلى طريقها السابقة ، ويتفلّت
الناس أو بعض الناس من شعائر هذا الدين .
يجب أن يشعر المؤمن بعد أدائه
شعائر الحج وعودته إلى بلده بالفارق بين حالتين : أمة مسلمة واحدة في الحج ، وشعوب
متفرّقة متفلتة بعد الحج ، تقطعت فيها الروابط وغابت بعض الشعائر ، وبرزت دعوات
جاهلية متعددة تنفث سمومها في ديار المسلمين . يجب أن يشعر المؤمن بهذا الفارق
الكبير حتى يدرك مدى مسؤوليته في بناء الأمة المسلمة الواحدة .
من أجل هذه
القضية الخطيرة ، قضية الأمة المسلمة التي أمر الله عباده المؤمنين أن يكونوا عليها
، من أجل هذه القضية التي تبرز أكثر ما تبرز في أيام الحج كلها ، وفي شعائره كلها ،
ومن أجل معاني التوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى ، التوحيد الذي تؤكده كل شعيرة في
الحج وكل دعاء وكل تلبية ، من أجل هذه القضايا الرئيسة في الإسلام ، كانت أيام الحج
أعظم عند الله من غيرها ، ففيها ذكر وتذكير ، وربط وتوثيق ، ودعاء وصلاة وصيام
وصدقة ، كل ذلك من أجل أن يكون المسلمون أمة واحدة تعبد ربّاً واحداً توحّده ولا
تشرك به !
ولذلك كما نرى جاء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يرويه ابن
عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ! قالوا
يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل
خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء " [ أخرجه البخاري ] إنها نعمة
كبيرة من الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين أن رزقهم نعمة أيام الحج ليتسابق
المؤمنون إلى العمل الصالح يعبدون به ربّاً واحداً ، ويلتقون أمة واحدة ، وصوتاً
واحداً يدوّي بالتكبير والتهليل والدعاء والتسبيح ، والصلاة والصيام وأداء جميع
مناسك الحج بقلوب خاشعة لا تحمل رياءً ولا شركاً ! وعندما يحرص المسلم على
اغتنام هذه الأيام العظيمة وفضلها الكبير ، فإنه يحرص على مجاهدة النفس لإصلاحها
وتطهيرها بالطاعات المشروعة المسلمة ، حريصاً على عزّتها وقوتها ، طاعةً لله وصدقاً
في إيمانه وعبادته ، فتمتد الروابط بين المؤمنين ، بين القلوب الخاشعة الصادقة مع
ربّها ، وتُبنى أسس القوة والعزّة لهذا الدين العظيم ولأمته وجنوده الصادقين ، وهم
صفٌّ واحد .
لذلك جاء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صيام يوم عرفة يُكَفّر سنتين : ماضية ومستقبلة ، وصوم عاشوراء يكفر
سنة ماضية " [ أخرجه أحمد ومسلم والترمذي](1) وقال البخاري : كان ابن عمر
وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس
بتكبيرهما . وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبّته بِمنى ، فيسمعه أهل المسجد
فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً . ويحسن بالمسلم أن يحرص على
التكبير الجماعي ما أمكنه ذلك ، وأن يجهر بالتكبير ويرفع صوته به .
ويستحب
في هذه الأيام العشر القيام بكل الأعمال الفاضلة مثل تلاوة كتاب الله ودراسته
وتدبره ، والاستغفار والتوبة ، وبر الوالدين وصلة الأرحام ، واطعام الطعام ، وإفشاء
السلام ، كل عمل طيب صالح ، حتى تتأكد مع كل عمل وحدة الأمة المسلمة ، وتستقرّ في
قلب كل مسلم على أنها قاعدة رئيسة في دين الله الإسلام ، وذلك كله حتى تكون كلمة
الله هي العليا في الأرض ، حين يؤدّي المسلمون الأمانة التي وضعها الله في أعناقهم
، ليكونوا خير أمة أُخرجت للناس ، وليبلغوا رسالة الله كما أنزلت على محمد صلى الله
عليه وسلم ويتعهدوهم عليها ، وفاءً بالعهد والأمانة التي سيحاسبون عليها بين يدي
الله يوم القيامة !
أمقَـامَ إبْرَاهِيمَ ،
وَالبَيْـتُ العَتِيـ --- ـقُ هُـدىً وآيـاتٌ لَهُ وَبَيـانُ(2) الطَّائفُـون
الـرَّاكعـون لِـرَبِّهِـمْ --- خَفَقَـتْ قُلُوبُهُـمُ وَضَـجَّ
لِسَـانُ تَتَـزاحَـمُ الأقْـدَامُ في سَاحَاتِـه --- وتَـرِفُّ بَيْـنَ
ظِـلالِـهِ الأَبْـدانُ وَمِنى صَدى رَبَواتِها التَّوحِيدُ والتْـ ---
ـتَّكبيـرُ والإخْـبـاتُ والإذْعـانُ عَرفَـاتُ سَاحَاتٌ تَضِـجُّ وَرَحمَـةٌ
--- تَغْشَـى وَدَمْـعٌ بَيْنَهَـا هَـتَّـانُ لَبَّيْـكَ يَا اللهُ !
وَانْطَلَقَـتْ بِـهَـا --- رُسُـلٌ وَفَوَّحَـتِ الرُّبَـى
وَجِنَـانُ لَبَّيـكَ والدُّنْيا صَدىً والأفْـقُ يَـرْ --- جِعُهَـا نَـدىً
يَبْتَـلُّ مَنْـهُ جَنَـانُ لَبَّيْكَ وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ ، الرِّضـا ---
والخيـرُ مِنْكَ ، بِبَابِـكَ الإحْسَـانُ * * * * * * لَبَّيْـكَ ،
والتَفَتَ الفُؤادُ وَدَارَت الْـ --- ـعَيْنَـانِ وانْفَلَتَتْ لَهَـا
الأشْجَـانُ دَقَّـتْ قوَارِعُها الدِّيـارَ فَزُلْزِلَـتْ --- تَحْـتَ الخُطَى
الأرْبَاضُ والأرْكـانُ جَمَعـتْ مَرَامِيـهِ البلادَ فَمَشْـرِقٌ --- غَـافٍ
وغَـرْبٌ لَـفَّـهُ النَّسْيـانُ * * * * * * أيْـنَ الحَجِيجُ ! وكُلُّ
قَلْبٍ ضَـارِعٍ --- وَمَشَـارِفُ الـدُّنْـيَـا لَـهُ آذَانُ نَزَعُوا عن
السَّاحَاتِ وانطَلَقَتْ بِهِمْ --- سُبُـلٌ وَفَـرَّقَ جَمْعَهُـمْ
بُـلْـدَانُ وَطَوَتْهُـمُ الدُّنْيَا بِكُـلِّ ضَجيجِهـا --- وَهَـوَىً
يُمَزِّقُ شَمْلَهُـمْ وَهَـوَانُ وَمَضَى الحَجِيـجُ كَأنَّهُ مَا ضَمَّهُـمْ
--- عَـرفَـاتُ أوْ حَـرَمٌ لَـهُ وَمَكَـانُ بِالأمْـسِ كَمْ لَبَّـوْا عَلى
سَاحَاتِـهِ --- بِالأمْـسِ كم طَافُوا هُناك وَعَانُـوا عَرَفَاتُ سَاحَاتٌ
يَمُوتُ بَهَا الصَّدى --- وتغِيـبُ خَلْـفَ بِطاحِهِ الوُدْيـانُ لَـمْ يَبْـقَ
في عَرفَـاتِ إلاّ دَمْعَـةٌ --- سَقَطَـتْ فبَكَّتْ حَوْلَهـا الوُدْيَـانُ هي
دَمْعَـةُ الإسْلامِ يَلْمَعُ حَوْلَهـا --- أمَـلٌ وتُهْـرَق بَيْنَهـا
الأحـزَانُ * * * * * * يَـا أمَّـةَ القُـرْآنِ دَارُكِ حُـلْـوَةٌ --- مَـا
طَوَّفَـتْ ذِكْرَى وَهَاجَ حَنَـانُ مَغْنَـاكِ مَنْثُـورُ الأزاهِـر كُلُّهـا
--- عَبَـقٌ إذا خَضرَتْ بِـهِ العِيـدَانُ لا أنْتَقِي مَنْ غَرْسٍ رَوْضِكِ
زَهْـرَةً --- إلاَّ وَكَـانَ عَبيـرَهَـا الإيـمَـانُ * * * * * *
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق